فصل: (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي خَلْطِ مَالِ رَجُلَيْنِ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ بِمَالِهِ أَوْ اخْتِلَاطِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِاسْتِهْلَاكِهِ):

كَسَرَ بَيْضَةً أَوْ جَوْزَةً لِغَيْرِهِ فَوَجَدَ دَاخِلَهَا فَاسِدًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ مَا اسْتَهْلَكَ مَالًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَسَرَ دِرْهَمًا لِرَجُلٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ سُتُّوقًا أَوْ رَصَاصًا وَقَبْلَ الْكَسْرِ كَانَ يَرُوجُ فَلَا ضَمَانَ لَهُ عَلَى الْكَاسِرِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرَ فِيهِ الْغِشَّ وَالْخِيَانَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
رَجُلٌ أَفْسَدَ تَأْلِيفَ حَصِيرِ رَجُلٍ أَوْ نَزَعَ بَابَ دَارِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ حَلَّ سَرْجَ إنْسَانٍ أَوْ كُلَّ مَا كَانَ مُؤَلَّفًا فَنَقَضَ تَأْلِيفَهُ يُنْظَرُ إنْ أَمْكَنَهُ إعَادَتُهُ إلَى مَا كَانَ يُؤْمَرُ النَّاقِضُ بِالْإِعَادَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ إعَادَتُهُ إلَى مَا كَانَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ صَحِيحًا مُؤَلَّفًا وَسُلِّمَ الْمَنْقُوضُ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا حَلَّ شِرَاكَ نَعْلِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ النَّعْلُ مِنْ النِّعَالِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْعَامَّةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ فِي إعَادَةِ شِرَاكهَا وَإِنْ كَانَتْ النَّعْلُ عَرَبِيَّةً فَإِنْ كَانَ لَا يَنْقُصُ سَيْرُهَا وَلَا يَدْخُلُهَا عَيْبٌ لَوْ أُعِيدَ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ سَيْرُهَا وَيَدْخُلُهَا عَيْبٌ لَوْ أُعِيدَ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ حَلَّ سِلْسِلَةَ ذَهَبٍ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الْفِضَّةِ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا شَدَّ أَسْنَانَ عَبْدِهِ بِذَهَبٍ فَرَمَى بِهَا.
رَجُلٌ حَلَّ سَدَى الْحَائِكِ وَنَشَرَهُ قَالَ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ سَدَى وَإِلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ سَدَى فَعَلَيْهِ فَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا هَدَمَ الرَّجُلُ حَائِطَ جَارِهِ فَلِلْجَارِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَقِيمَةَ النُّقْصَانِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ ثُمَّ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ قِيمَةِ الْحَائِطِ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ وَحِيطَانُهَا وَتُقَوَّمُ بِدُونِ الْحِيطَانِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ الْحَائِطِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ مِنْ التُّرَابِ وَبَنَاهُ نَحْوَ مَا كَانَ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ وَبَنَاهُ مِنْ الْخَشَبِ كَمَا كَانَ فَكَذَلِكَ بَرِئَ وَإِنْ بَنَاهُ مِنْ خَشَبٍ آخَرَ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّ الثَّانِي أَجْوَدُ يَبْرَأُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
هَدَمَ حَائِطُ مَسْجِدٍ يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَتِهِ وَإِصْلَاحِهِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
أَفْسَدَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ فَأَخَذَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَلَبِسَهُ عَالِمًا بِالْفَسَادِ لَيْسَ لَهُ التَّضْمِينُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
إذَا رَفَعَ التُّرَابَ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِرَفْعِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْكَبْسِ وَإِنْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ تَمَكَّنَ النُّقْصَانُ فِي الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَمَنْ حَفَرَ حَفِيرَةً بِأَرْضِ غَيْرِهِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَرْضِهِ يَلْزَمُ النُّقْصَانَ وَقَوْلُهُ أَضَرَّ ذَلِكَ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِأَرْضِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الصَّيْرَفِيُّ إذَا انْتَقَدَ الدَّرَاهِمَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فَغَمَزَ دِرْهَمًا مِنْهَا فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّرَاهِمِ إنْ كَانَ أَمَرَهُ بِالْغَمْزِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ إنْ كَانَ النَّاسُ إنَّمَا يَعْرِفُونَ الدَّرَاهِمَ بِالْغَمْزِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا طَبَخَ لَحْمَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ضَمِنَ وَلَوْ جَعَلَ صَاحِبُ اللَّحْمِ اللَّحْمَ فِي الْقِدْرِ وَوَضَعَ الْقِدْرَ عَلَى الْكَانُونِ وَوَضَعَ تَحْتَهَا الْحَطَبَ فَجَاءَ آخَرُ فَأَوْقَدَ النَّارَ فَطَبَخَ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا (وَمَنْ هَذَا الْجِنْسِ خَمْسُ مَسَائِلَ) إحْدَاهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ.
الثَّانِيَةُ إذَا طَحَنَ حِنْطَةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ضَمِنَ وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْحِنْطَةِ جَعَلَ الْحِنْطَةَ فِي الزَّوْرَقِ وَرَبَطَ عَلَيْهِ الْحِمَارَ فَجَاءَ آخَرُ وَسَاقَ الْحِمَارَ فَطَحَنَ لَا يَضْمَنُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إذَا رَفَعَ جَرَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْجَرَّةِ رَفَعَ الْجَرَّةَ وَأَمَالَهَا إلَى نَفْسِهِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَأَعَانَهُ عَلَى الرَّفْعِ فَانْكَسَرَتْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَنْ حَمَلَ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ حَتَّى هَلَكَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ وَلَوْ حَمَلَ الْمَالِكُ عَلَى دَابَّتِهِ شَيْئًا ثُمَّ سَقَطَ فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَحَمَّلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ لَا يَضْمَنُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إنْ ذَبَحَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّضْحِيَةِ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ الذَّابِحُ وَإِنْ كَانَ الذَّبْحُ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ يَجُوزُ وَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ دَلَالَةً وَالدَّلَالَةُ يَجِبُ اعْتِبَارُهَا مَا لَمْ يُوجَدْ الصَّرِيحُ بِخِلَافِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَرْحِ الْمُزَارَعَةِ فِي بَابٍ قَبْلَ بَابِ الْمُزَارَعَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُعَامَلَةُ أَنَّ مَنْ أَحْضَرَ فَعَلَةً لِهَدْمِ دَارِهِ فَجَاءَ آخَرُ وَهَدَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا فَصَارَ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ النَّاسِ دَلَالَةً فَأَمَّا إذَا كَانَ عَمَلًا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ النَّاسِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الشَّاةَ بَعْدَ الذَّبْحِ لِلسَّلْخِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَسَلَخَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَصَّابٌ اشْتَرَى شَاةً فَجَاءَ إنْسَانٌ وَذَبَحَهَا فَإِنْ كَانَ أَخَذَ الْقَصَّابُ وَشَدَّ رِجْلَهَا لِلذَّبْحِ لَا يَضْمَنُ الذَّابِحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَدَّ يَضْمَنُ كَذَا فِي الصُّغْرَى.
وَمَنْ وَجَدَ فِي كَرْمِهِ أَوْ زَرْعِهِ دَابَّةً أَفْسَدَتْ الزَّرْعَ فَحَبَسَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ وَلَوْ أَخْرَجَهَا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَهَا وَسَاقَهَا فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا وَلَمْ يَسُقْهَا لَا يَضْمَنُ، وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ دَابَّةً لِغَيْرِهِ مِنْ زَرْعِ غَيْرِهِ وَسَاقَهَا إلَى مَكَان يَأْمَنُ مِنْهَا عَلَى زَرْعِهِ كَأَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ زَرْعِهِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى إذَا وَجَدَا دَابَّةً فِي زَرْعِهِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا فَأَسْرَعَتْ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْهُ وَكَذَا إذَا تَبِعَهَا بَعْدَمَا أَخْرَجَهَا كَثِيرًا فَذَهَبَتْ ضَمِنَ وَإِنْ أَخْرَجَهَا أَجْنَبِيٌّ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
الرَّاعِي إذَا وَجَدَ فِي بَارُوكِهِ بَقَرَةً لِغَيْرِهِ فَطَرَدَهَا قَدْرَ مَا تَخْرُجُ مِنْ بَارُوكِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ سَاقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَهَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
مَنْ وَجَدَ دَابَّةٌ فِي زَرْعِهِ فَأَخْرَجَهَا وَسَاقَهَا أَرَادَ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَعَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهَا يَضْمَنُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِهَذَا إنَّمَا نَأْخُذُ بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا وَجَدَ بَقَرَةً فِي زَرْعِهِ فَأَخْبَرَ صَاحِبَهَا فَأَفْسَدَتْ الدَّابَّةُ الزَّرْعَ إنْ أَمَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ صَاحِبَ الدَّابَّةِ بِالْإِخْرَاجِ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
سَاقَ حِمَارَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَكَلَ الذِّئْبُ جَحْشَهُ أَوْ ضَاعَ الْجَحْشُ وَرُدَّ الْحِمَارُ إنْ كَانَ سَاقَ الْجَحْشَ مَعَ الْحِمَارِ يَضْمَنُ وَإِنْ انْسَاقَ الْجَحْشُ مَعَهُ بِلَا سَوْقِهِ وَضَاعَ لَا يَضْمَنُ الْجَحْشَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
الرَّاعِي إذَا قَادَهَا قَرِيبًا مِنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَتْ تَنَاوَلَتْ ضَمِنَ الرَّاعِي الزَّرْعَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
دَابَّةُ رَجُلٍ ذَهَبَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا بِغَيْرِ إرْسَالِ صَاحِبِهَا فَأَفْسَدَتْ زَرْعَ رَجُلٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا وَبَذْرًا وَبَقَرَةً مُزَارَعَةً فَسَلَّمَ الْمَزَارِعُ الْبَقَرَةَ إلَى الرَّاعِي فَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الرَّاعِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ أَرَادَ سَقْيَ أَرْضِهِ فَمَنَعَهُ إنْسَانٌ حَتَّى فَسَدَ زَرْعُهُ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَوْ وَجَدَ دَابَّةً فِي مَرْبِطٍ فَأَخْرَجَهَا فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ، غَصَبَ مَرْبِطًا وَشَدَّ فِيهِ دَوَابَّهُ فَأَخْرَجَهَا مَالِكُ الْمَرْبِطِ صَارَ ضَامِنًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَجَاءَ الْمَدْيُونُ إلَى صَاحِبِ دَيْنِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ فَدَفَعَ الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ لِيَنْتَقِدَهُ فَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الطَّالِبِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ وَكِيلُ الْمَدْيُونِ فِي الِانْتِقَادِ فَكَأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمَدْيُونِ وَلَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ دَفَعَ الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَأَخَذَ مِنْهُ الطَّالِبُ ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْمَدْيُونِ لِيَنْتَقِدَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ أَخَذَ حَقَّهُ فَإِذَا دَفَعَ إلَى الْمَدْيُونِ لِيَنْتَقِدَهُ الْمَطْلُوبُ صَارَ الْمَطْلُوبُ وَكِيلَ الطَّالِبِ فَكَانَ الْهَلَاكُ فِي يَدِ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْهَلَاكِ فِي يَدِ الطَّالِبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ فَمَاتَتْ مِنْ الْجِمَاعِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْغِيَاثِيَّةِ.
سِنَّوْرٌ قَتَلَتْ حَمَامَةَ إنْسَانٍ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ السِّنَّوْرِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَلَوْ أَخَذَ هِرَّةً وَأَلْقَاهَا إلَى حَمَامَةٍ أَوْ دَجَاجَةٍ فَأَكَلَتْهَا قَالُوا: إنْ أَخَذَتْ بِرَمْيِهِ ضَمِنَ وَإِنْ أَخَذَتْ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالْإِلْقَاءِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ قَتَلَ ذِئْبًا أَوْ أَسَدًا لِرَجُلٍ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ قَتَلَ قِرْدًا فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ الْقِرْدَ لَهُ قِيمَةٌ؛ لِأَنَّ الْقِرْدَ يَخْدُمُ فِي الْبَيْتِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَنْ أَتْلَفَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَإِنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مُتْلِفِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَإِنْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى مُتْلِفِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا غَيْرَ أَنَّ الْمُتْلِفَ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُ الْخَمْرِ وَإِنْ كَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخَمْرِ وَفِي الْخِنْزِيرِ يَجِبُ الْقِيمَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ اسْتَهْلَكَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ خِنْزِيرًا لِذِمِّيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ الطَّالِبُ أَوْ الْمَطْلُوبُ أَوْ أَسْلَمَا جَمِيعًا فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْتَهْلِكُ مِنْ الضَّمَانِ الَّذِي لَزِمَهُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ خَمْرًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الطَّالِبُ أَوْ أَسْلَمَا جَمِيعًا سَقَطَتْ الْخَمْرُ عَنْ ذِمَّتِهِ وَبَرِئَ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمَطْلُوبُ أَوَّلًا ثُمَّ أَسْلَمَ الطَّالِبُ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَبْرَأُ مِنْ الْخَمْرِ وَلَا يَتَحَوَّلُ إلَى الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْقَبْضِ هَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَمَنْ أَتْلَفَ الشَّاةَ الْمَذْبُوحَةَ بِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ-.

.(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ الضَّمَانِ):

قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَجُلٌ خَرَقَ طَيْلَسَانًا لِرَجُلٍ ثُمَّ رَفَاهُ قَالَ أُقَوِّمُهُ صَحِيحًا وَأُقَوِّمُهُ مَرْفُوًّا وَأُضَمِّنُهُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَطَمَّهَا رَجُلٌ بِتُرَابِهَا قَالَ أُقَوِّمُهَا مَحْفُورَةً وَغَيْرَ مَحْفُورَةٍ فَأُضَمِّنُهُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ طَرَحَ فِيهَا تُرَابًا أُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يُخْرِجَهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الصَّحْرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْمَاءَ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ طَمَّهَا شَيْءٌ وَإِنْ خَرَجَ الْمَاءُ فَقَدْ اسْتَحَقَّهَا؛ لِأَنَّهَا بِئْرُ عَطَنٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ خَرَقَ صَكَّ رَجُلٍ أَوْ دَفْتَرَ حِسَابِهِ تَكَلَّمُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الصَّكِّ مَكْتُوبًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَسَرَ بَرْبَطَ إنْسَانٍ أَوْ طُنْبُورَهُ أَوْ دُفَّهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي فَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا ضَمَانَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ الضَّمَانُ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَضْمَنُ إلَّا إذَا فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قِيَاسٌ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ وَقَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ: ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا وَجَبَ الضَّمَانُ يَجِبُ عَلَى وَجْهِ الصَّلَاحِ لِغَيْرِ التَّلَهِّي عَلَى أَدْنَى وَجْهٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِذَلِكَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ النَّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ سَنْجَاتِ الْوَزْنِ وَفِي الْقُدُورِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الطُّنْبُورِ وَالْبَرْبَطِ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ خَشَبًا مَنْحُوتًا وَفِي الْمُنْتَقَى يَضْمَنُ قِيمَتَهُ خَشَبًا أَوْ أَلْوَاحًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالذَّخِيرَةِ وَالطَّبْلُ الَّذِي يُضْرَبُ لِلصِّبْيَانِ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُسْلِمٌ أَتْلَفَ صَلِيبًا مَنْقُوشًا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوشٍ بِتَمَاثِيلَ وَإِنْ كَانَ تَمَاثِيلَ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَنْقُوشًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَرَامٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْقُوشِ شَجَرٍ وَإِنْ أَحْرَقَ بِسَاطًا فِيهِ تَمَاثِيلُ رِجَالٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَنْقُوشًا؛ لِأَنَّ التَّمَاثِيلَ فِي الْبِسَاطِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّهُ يُوطَأُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ هِشَامٌ قُلْت لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَحْرَقَ بَابًا مَنْحُوتًا عَلَيْهِ تَمَاثِيلُ مَنْقُوشَةٌ قَالَ فِي قَوْلِي يَضْمَنُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَنْقُوشٍ بِتَمَاثِيلَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ قَطَعَ رُءُوسَ التَّمَاثِيلِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَنْقُوشًا بِمَنْزِلَةِ مَنْقُوشِ شَجَرٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ هَدَمَ بَيْتًا مُصَوَّرًا بِالْأَصْبَاغِ بِصُوَرِ التَّمَاثِيلِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقِيمَةَ أَصْبَاغِهِ غَيْرَ مُصَوَّرٍ؛ لِأَنَّ التَّمَاثِيلَ فِي الْبَيْتِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ إنَاءَ فِضَّةٍ عَلَيْهِ تَمَاثِيلُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ غَيْرَ مُصَوَّرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّمَاثِيلِ رُءُوسٌ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مُصَوَّرَةً كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَتَلَ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً ضَمِنَ قِيمَتَهَا غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغِنَاءُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغِنَاءَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَقَوَّمَ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ فَهُوَ عَيْبٌ فَيُعْتَدُّ بِهِ حَقُّ الْغَاصِبِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ حَسَنَةَ الصَّوْتِ إلَّا أَنَّهَا لَا تُغَنِّي فَهُوَ عَلَى حَسَنَةِ الصَّوْتِ وَالْحَمَامَةُ إذَا كَانَتْ تُقَرْقِرُ وَالْفَاخِتَةُ إذَا كَانَتْ تُقَرْقِرُ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا مُقَرْقِرَةً وَالْحَمَامَةُ إذَا كَانَتْ تَجِيءُ مِنْ بَعِيدٍ لَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عَلَى ذَلِكَ وَالْفَرَسُ الَّذِي يَسْبِقُ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَى السَّابِقِ قِيمَةٌ وَفِي الْحَمَامَةِ إذَا كَانَتْ طَائِرَةً يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا غَيْرُ طَائِرَةٍ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَتْلَفَ كَبْشًا نَطُوحًا أَوْ دِيكًا مُقَاتِلًا لَا يَضْمَنُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
أَخْرَجَ شَجَرُ الْجَوْزِ جَوْزًا صِغَارًا رَطْبَةً فَأَتْلَفَ إنْسَانٌ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ يَضْمَنُ نُقْصَانَ الشَّجَرِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَالٍ حَتَّى لَا تُضْمَنَ بِالْإِتْلَافِ لَكِنْ لَا عَلَى الشَّجَرَةِ فَأَمَّا إتْلَافُهَا عَلَى الشَّجَرَةِ فَيُمْكِنُ نُقْصَانًا فِي تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَيُنْظَرُ أَنَّ هَذِهِ الشَّجَرَةَ مَعَ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ بِكَمْ تُشْتَرَى وَبِدُونِ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ بِكَمْ تُشْتَرَى فَيُضَمَّنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ الشَّجَرَةُ إذَا نَوَّرَتْ فِي الرَّبِيعِ فَنَقَصَهَا إنْسَانٌ حَتَّى تَنَاثَرَ نَوْرُهَا فَهُوَ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا كَسَرَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ وَقِيمَةُ الْغُصْنِ قَلِيلَةٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الشَّجَرَةِ جَمِيعًا، وَالْغُصْنُ لِلْكَاسِرِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الشَّجَرَةِ إلَّا قَدْرَ الْغُصْنِ وَالْغُصْنُ لِرَبِّ الشَّجَرَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
قَطَعَ أَشْجَارَ كَرْمِ إنْسَانٍ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ الْكَرْمُ مَعَ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ وَيُقَوَّمَ مَقْطُوعُ الْأَشْجَارِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ الْأَشْجَارِ فَبَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَرْمِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ إلَى الْقَاطِعِ وَضَمَّنَهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَرَفَعَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ قِيمَةَ الْمَقْطُوعَةِ وَيُضَمِّنُهُ الْبَاقِي.
قَطَعَ شَجَرَةً فِي دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَرَبُّ الدَّارِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الشَّجَرَةَ عَلَى الْقَاطِعِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً وَتُقَوَّمَ بِغَيْرِ الشَّجَرَةِ فَيُضَمَّنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ الشَّجَرَةَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ قَائِمَةً؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْقِيَامَ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنَّك إذَا عَرَفْتَ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ الْقَائِمَةِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي تَقَدَّمَ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ وَإِلَى قِيمَةِ الشَّجَرَةِ الْمَقْطُوعَةِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ نُقْصَانِ الْقَطْعِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَقْطُوعَةً وَغَيْرَ مَقْطُوعَةٍ سَوَاءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْكُبْرَى.
رَجُلٌ قَطَعَ شَجَرَةً مِنْ ضَيْعَةِ رَجُلٍ وَاسْتَهْلَكَ الشَّجَرَةَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْحَطَبِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
جَاءَ إلَى رَأْسِ تَنُّورٍ وَقَدْ سُجِّرَ بِقَصَبٍ فَصَبَّ فِيهِ الْمَاءَ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ التَّنُّورِ كَذَلِكَ وَإِلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَسْجُورٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا فِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ فَتَحَ رَأْسَ تَنُّورِ إنْسَانٍ حَتَّى بَرَدَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْحَطَبِ مِقْدَارَ مَا سُجِّرَ بِهِ التَّنُّورُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُنْظَرُ بِكَمْ يُسْتَأْجَرُ التَّنُّورُ الْمَسْجُورُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَجَّرَ ثَانِيًا فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْقَدْرَ أَوْ يُنْظَرُ إلَى أُجْرَتِهِ مَسْجُورًا وَغَيْرَ مَسْجُورٍ فَيَضْمَنُ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَتَحَ رَأْسَ تَنُّورٍ فَبَرَدَ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ حَطَبٍ قَدْرَ مَا سُجِّرَ بِهِ قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قَدْرَ مَا يُسْتَأْجَرُ التَّنُّورُ الْمَسْجُورُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَجِّرَهُ ثَانِيًا أَوْ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ أُجْرَتِهِ مَسْجُورًا إلَى أُجْرَتِهِ غَيْرَ مَسْجُورٍ كَذَا فِي اللم.
الرَّجُلُ إذَا فَتَقَ قَمِيصَ إنْسَانٍ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ مَخِيطًا وَغَيْرَ مَخِيطٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَلْقَى نَجَاسَةً فِي بِئْرٍ خَاصَّةٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ دُونَ النَّزَحِ وَفِي الْبِئْرِ الْعَامَّةِ يُؤْمَرُ بِنَزْحِهَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي خَلْطِ مَالِ رَجُلَيْنِ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ بِمَالِهِ أَوْ اخْتِلَاطِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ بِالْآخَرِ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ):

الْغَاصِبُ إذَا خَلَطَ الْمَغْصُوبَ بِمَالِ نَفْسِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ خَلْطُ مُمَازَجَةٍ وَخَلْطُ مُجَاوَرَةٍ أَمَّا خَلْطُ الْمُمَازَجَةِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ خَلْطٌ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْمَةِ وَخَلْطٌ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْمَةِ فَمَا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْمَةِ كَخَلْطِ دُهْنِ الْجَوْزِ بِدُهْنِ الْبَذْرِ وَدَقِيقِ الْحِنْطَةِ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ فَالْخَالِطُ ضَامِنٌ وَلَا حَقَّ لِلْمَالِكِ فِي الْمَخْلُوطِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِالْقِسْمَةِ كَخَلْطِ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ مِثْلُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ وَاللَّبَنُ بِاللَّبَنِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ حَقِّهِ وَإِنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِي الْمَخْلُوطِ وَاقْتَسَمَاهُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا وَأَمَّا خَلْطُ الْمُجَاوَرَةِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ خَلْطٌ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا مَشَقَّةٍ وَخَلْطٌ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ فَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا بِلَا كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ كَخَلْطِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَالْبِيضِ بِالسُّودِ لَا يَضْمَنُ الْخَالِطُ وَيُمَيَّزُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّمْيِيزُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْخَالِطُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِيَارَ لِلْمَالِكِ نَصًّا ثُمَّ اخْتَلَفُوا قِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمَا وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُشْتَرَكُ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ لَا تَخْلُو عَنْ حَبَّاتِ الشَّعِيرِ فَيَكُونُ خَالَطَ الْجِنْسَ بِالْجِنْسِ فَيَمْلِكُ عِنْدَهُ وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُمَا لَا يَشْتَرِكَانِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ خَلَطَ حِنْطَةَ رَجُلٍ بِشَعِيرِ آخَرَ وَغَابَ الْخَالِطُ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمَخْلُوطَ أَحَدُهُمَا وَيَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ مِثْلَ كَيْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَخْلُوطَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَخْلُوطِ مِنْ شَرِيكِهِ وَإِنْ أَبَيَا بَاعَاهُ وَاقْتَسَمَا فَيَضْرِبُ صَاحِبُ الْحِنْطَةِ بِقِيمَةِ حِنْطَةٍ مَخْلُوطَةٍ بِالشَّعِيرِ وَصَاحِبُ الشَّعِيرِ بِقِيمَةِ الشَّعِيرِ غَيْرَ مَخْلُوطٍ بِالْحِنْطَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي الْمُنْتَقَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ مَعَ رَجُلٍ سَوِيقٌ وَمَعَ رَجُلٍ آخَرُ سَمْنٌ أَوْ زَيْتٌ فَاصْطَدَمَا فَانْصَبَّ زَيْتُ هَذَا أَوْ سَمْنُهُ فِي سَوِيقِ هَذَا فَإِنَّ صَاحِبَ السَّوِيقِ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ السَّمْنِ أَوْ الزَّيْتِ مِثْلَ كَيْلِ سَمْنِهِ أَوْ زَيْتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اخْتَلَطَ نَوْرَةُ رَجُلٍ بِدَقِيقِ آخَرَ بِغَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ يُبَاعُ الْمُخْتَلَطُ وَيُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقِيمَتِهِ مُخْتَلَطًا؛ لِأَنَّ هَذَا نُقْصَانٌ حَصَلَ لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
صَبَّ رَدِيئًا عَلَى جَيِّدٍ ضَمِنَ مِثْلَ الْجَيِّدِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا كَانَ شَرِيكًا بِقَدْرِ مَا صَبَّ وَفِي الْقُدُورِيِّ صَبَّ مَاءً فِي طَعَامٍ فَأَفْسَدَهُ وَزَادَ فِي كَيْلِهِ فَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَصُبَّ فِيهِ الْمَاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ طَعَامًا مِثْلَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَبَّ مَاءً فِي دُهْنٍ أَوْ زَيْتٍ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ الْمُبْتَلَّ وَالدُّهْنَ الَّذِي صُبَّ الْمَاءُ فِيهِ لَا مِثْلَ لَهُ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَغْرَمَ مِثْلَ كَيْلِهِ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ غَصْبٌ مُتَقَدِّمٌ حَتَّى لَوْ غَصَبَ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ خَلَطَ دَرَاهِمَ جِيَادًا بِدَرَاهِمَ زُيُوفٍ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا عَلِمَ أَنَّ فِي الْجِيَادِ زُيُوفًا وَفِي الزُّيُوفِ جِيَادًا؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ مُتَعَذِّرٌ حَقِيقَةً وَقِسْمَةً، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجِيَادِ زُيُوفٌ وَلَا فِي الزُّيُوفِ جِيَادٌ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْجِيَادِ وَالزُّيُوفِ فَلَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ اسْتِهْلَاكًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَرَاهِمَ يَنْظُرُ إلَيْهَا وَقَعَ بَعْضُهَا فِي دَرَاهِمِ غَيْرِهِ فَاخْتَلَطَتْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ الدَّرَاهِمُ مِنْ يَدِهِ غَاصِبًا ضَامِنًا وَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا دَخَلَتْ أُتْرُجَّةُ رَجُلٍ فِي قَارُورَةِ آخَرَ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِهِمَا قِيمَةً فَيُؤْمَرُ صَاحِبُهُ بِأَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْآخَرِ وَلَوْ أَدْخَلَ رَجُلٌ أُتْرُجَّةَ رَجُلٍ قَارُورَةً الْآخَرِ يَضْمَنُ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَلَا خِيَارَ لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا وَتَكُونُ الْأُتْرُجَّةُ وَالْقَارُورَةُ لَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْبَعِيرُ إذَا ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً وَقِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرُ كَانَ لِصَاحِبِ اللُّؤْلُؤَةِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ الْبَعِيرِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ اللُّؤْلُؤَةِ شَيْئًا يَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْبَعِيرِ.
رَجُلٌ ابْتَلَعَ دُرَّةَ رَجُلٍ وَمَاتَ فَإِنْ تَرَكَ مَالًا أُعْطِيَ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ وَلَوْ ابْتَلَعَ دُرَّةَ غَيْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ.
شَجَرَةُ الْقَرْعِ إذَا نَبَتَتْ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَصَارَتْ فِي حُبِّ رَجُلٍ آخَرَ وَعَظُمَ الْقَرْعُ فَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ الْحُبِّ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ اللُّؤْلُؤَةِ إذَا ابْتَلَعَتْهَا دَجَاجَةٌ يُنْظَرُ إلَى أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ إنْ شِئْت أَعْطَيْت الْآخَرَ قِيمَةَ مَالِهِ فَيَصِيرُ لَك وَإِنْ أَبَى يُبَاعُ الْحُبُّ عَلَيْهِمَا وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حُبٌّ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِهَدْمِ شَيْءٍ مِنْ الْحَائِطِ يُنْظَرُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ قِيمَةً مَا يَنْهَدِمُ مِنْ الْحَائِطِ بِإِخْرَاجِ الْحُبِّ وَالْحُبُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَقَعَ دِرْهَمٌ أَوْ لُؤْلُؤَةٌ فِي مِحْبَرَةٍ وَكَانَ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِكَسْرِهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِ صَاحِبِ الْمِحْبَرَةِ وَكَانَ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الْمِحْبَرَةِ كُسِرَتْ وَلَا غُرْمَ عَلَى صَاحِبِ الشَّيْءِ الْوَاقِعِ فِيهَا وَإِنْ وَقَعَ بِفِعْلِ صَاحِبِ الشَّيْءِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كُسِرَتْ أَيْضًا وَعَلَى صَاحِبِ الشَّيْءِ قِيمَةُ الْمِحْبَرَةِ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى تَنْكَسِرَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ أَدْخَلَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ رَأْسَهَا فِي قِدْرِ آخَرَ وَلَا يُمْكِنُ الْإِخْرَاجُ إلَّا بِالْكَسْرِ كَانَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ، وَنَظَائِرُهَا كَثِيرَةٌ لِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّك الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ يُبَاعُ عَلَيْهِمَا وَيَقْسِمَانِ الثَّمَنَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لُؤْلُؤَةٌ وَقَعَتْ فِي دَقِيقِ رَجُلٍ إنْ كَانَ فِي قَلْبِ الدَّقِيقِ ضَرَرٌ لَا أَقْلِبُهُ وَأَنْتَظِرُ حَتَّى يُبَاعَ الدَّقِيقُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ ضَرَرٌ أَمَرْتُهُ بِقَلْبِهِ قَالَ بِشْرٌ يُقَلِّبُهُ الَّذِي يَطْلُبُ اللُّؤْلُؤَةَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا فَصِيلًا وَأَدْخَلَهُ الْمُودَعُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى عَظُمَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى إخْرَاجِهِ إلَّا بِقَلْعِ بَابِهِ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْفَصِيلِ يَوْمَ صَارَ الْفَصِيلُ فِي حَدٍّ لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْ الْبَابِ وَيَتَمَلَّكَ الْفَصِيلَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ قَلَعَ بَابَهُ وَرَدَّ الْفَصِيلَ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ مَا يَنْهَدِمُ مِنْ الْبَيْتِ بِإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْفَصِيلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفَصِيلِ أَكْثَرُ وَأَبَى الْمُودَعُ قَلْعَ الْبَابِ لِإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ يَجِبُ أَنْ يُؤْمَرَ صَاحِبُ الْفَصِيلِ بِدَفْعِ قِيمَةِ مَا يَنْهَدِمُ إلَى الْمُودَع وَإِخْرَاجِ الْفَصِيلِ وَفِي كِتَابِ الْحِيطَانِ هَذَا إذَا أَدْخَلَ الْمُودَع الْفَصِيلَ فِي بَيْتِهِ وَلَوْ اسْتَعَارَ الْمُودَعُ بَيْتًا وَأَدْخَلَ الْفَصِيلَ فِيهِ وَعَظُمَ الْفَصِيلُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا يُقَالُ لِرَبِّ الْفَصِيلِ: إنْ أَمْكَنَكَ إخْرَاجُ الْفَصِيلِ فَأَخْرِجْهُ وَإِلَّا فَانْحَرْهُ وَاجْعَلْهُ قِطَعًا قِطَعًا وَإِنْ كَانَ بَغْلًا أَوْ حِمَارًا فَإِنْ كَانَ ضَرَرُ هَدْمِ الْبَابِ فَاحِشًا فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ الْبَابَ وَيَغْرَمَ مِقْدَارَ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْبَابِ وَهَذَا نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَثْلَجَةٌ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَثْلَجَةِ صَاحِبِهِ ثَلْجًا وَجَعَلَهُ فِي مَثْلَجَةِ نَفْسِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ اتَّخَذَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَوْضِعًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الثَّلْجُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى الْجَمْعِ فِيهِ أَوْ كَانَ مَوْضِعًا يَجْتَمِعُ فِيهِ الثَّلْجُ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ مَثْلَجَتِهِ إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا أَوْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ يَوْمَ خَلْطِهِ إنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِهِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْمَسْأَلَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَمَّا إنْ أَخَذَ مِنْ الْحَيِّزِ الَّذِي فِي حَدِّ صَاحِبِهِ لَا مِنْ الْمَثْلَجَةِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْمَثْلَجَةِ فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الَّذِي أَخَذَهُ وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي الْجَوَابُ كَالْجَوَابِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَمَنْ خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ ضَمِنَ إلَّا عَبْدًا مَأْذُونًا عَلَيْهِ دَيْنٌ دَفَعَ مَوْلَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَيْهِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ مَتَاعًا فَخَلَطَ بِدَرَاهِمِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَتَاعًا فَالْمَتَاعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ ذَكَرَهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دِرْهَمَيْنِ وَدَفَعَ دِرْهَمًا آخَرَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْلِطَهُمَا فَفَعَلَ ثُمَّ وَجَدَ فِيهِمَا دِرْهَمًا سُتُّوقًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِيهِ أَنَّهُ لِهَذَا فَإِنْ قَالَ الْأَمِينُ لَا أَدْرِي لِمَنْ هَذَا قَالَ أُضَمِّنُهُ الْأَمِينَ وَإِنْ خَلَطَ بِأَمْرِهِمَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

.(الْبَابُ السَّادِسُ فِي اسْتِرْدَادِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَفِيمَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَمَا لَا يَبْرَأُ):

قَالَ الْكَرْخِيُّ إذَا أَحْدَثَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي الْغَصْبِ حَدَثًا يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا لَوْ وَقَعَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ صَارَ مُسْتَرِدًّا لِلْغَصْبِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَذَلِكَ نَحْوُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْمَغْصُوبَ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى الْمَحَلِّ فَإِذَا أَحْدَثَ حَدَثًا يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا فَقَدْ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى الْمَمْلُوكِ وَثُبُوتُ يَدِ الْمَالِكِ يُوجِبُ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْغَاصِبِ سَوَاءٌ عَرَفَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُبْتَنَى عَلَى السَّبَبِ دُونَ الْعِلْمِ وَلَا يَكُونُ الْغَاصِبُ غَاصِبًا بِالْغَصْبِ الْأَوَّلِ بِهَذَا إلَّا أَنْ يُحْدِثَ غَصْبًا مُسْتَقْبِلًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ كَسَا الثَّوْبَ رَبَّ الثَّوْبِ فَلَبِسَهُ حَتَّى تَخَرَّقَ عَرَفَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَكَذَا إذَا بَاعَهُ صَاحِبَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَلَا يَعْرِفُهُ حَتَّى لَبِسَهُ وَتَخَرَّقَ وَكَذَلِكَ إذَا غَصَبَ طَعَامًا ثُمَّ أَطْعَمَهُ عَرَفَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَكَذَلِكَ إذَا جَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إلَى بَيْتِ الْغَاصِبِ وَأَكَلَ ذَلِكَ الطَّعَامَ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عَرَفَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ خَبَزَ الدَّقِيقَ أَوْ شَوَى اللَّحْمَ ثُمَّ أَطْعَمَهُ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مَا أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى الْمَغْصُوبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِذَا اعْوَرَّتْ الْمَغْصُوبَةُ أَوْ سَقَطَتْ سِنُّهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ ثُمَّ زَالَ الْعَوَرُ وَنَبَتَ السِّنُّ فِي يَدِ الْمَالِكِ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَصَارَ فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ وَرَدَّهُ الْمَالِكُ وَضَمِنَ الْأَرْشَ فَبَاعَهُ رَبُّ الْعَبْدِ فَانْجَلَى الْبَيَاضُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ بِمَا قَبَضَ مِنْ أَرْشِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ زَالَتْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
غَصَبَ دَارًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمَالِكِ، وَالدَّارُ لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا لَا يَبْرَأُ وَإِنْ كَانَ هُوَ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى سُكْنَاهَا بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ لِوُجُوبِ الْأَجْرِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ أَنْ الْغَاصِبَ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا مَعْلُومًا فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَأْخُذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ فَإِذَا أَخَذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمَالِكِ لِلْخِدْمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ صَحَّ وَيَصِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ قَابِضًا لَهُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ فَأَوْلَى أَنْ يَنُوبَ عَنْ قَبْضِ الْإِجَارَةِ فَإِذَا صَارَ قَابِضًا بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ صَارَ أَمِينًا وَارْتَفَعَ الضَّمَانُ فَلَا يَعُودُ الضَّمَانُ إلَّا بِاعْتِدَاءٍ مُسْتَأْنَفٍ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مَاتَ أَمَانَةً وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ الْأُجْرَةُ فِيمَا مَضَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالْعَبْدُ حَيٌّ لَمْ يَعُدْ مَضْمُونًا وَفِي الْمُنْتَقَى غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا فَإِذَا أَخَذَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَعَارَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ لَا يَبْرَأُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ إذَا قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ أَوْدَعْتُكَ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْإِبْرَاءُ عَنْ الضَّمَانِ نَصًّا وَالْأَمْرُ بِالْحِفْظِ وَعَقْدِ الْوَدِيعَةِ لَا يُنَافِيَانِ ضَمَانَ الْغَصْبِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
قَالُوا فِي الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا زَوَّجَ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا فِي الْحَالِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَلَمْ يَبْرَأْ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا فَرْعٌ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّزْوِيجِ أَمْ لَا أَمَّا لَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبَ لِيَعْمَلَ لِلْمَغْصُوبِ عَمَلًا مِنْ الْأَعْمَالِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ عَلَى ضَمَانِهِ إنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ ضَمِنَ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ لِغَسْلِ الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ كُرًّا مِنْ حِنْطَةٍ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَقَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ اطْحَنْهُ لِي فَطَحَنَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ حِنْطَتَهُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُمْسِكَ الدَّقِيقَ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ غَزْلًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَقَالَ انْسِجْهُ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ دَابَّةً ثُمَّ مَاتَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَجَاءَ وَارِثُهُ وَاسْتَعَارَ مِنْ الْغَاصِبِ فَأَعَارَهَا الْغَاصِبُ إيَّاهُ فَعَطِبَتْ تَحْتَهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ عَنْ ضَمَانِهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْغَاصِبُ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِأَمْرِ مَالِكِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِذَا أَمَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ صَحَّ وَيَصِيرُ وَكِيلًا وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِالْبَيْعِ، وَكَذَا لَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَلَزِمَ الْغَاصِبَ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ بِنَفْسِهِ فَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِ الْغَاصِبِ، ثُمَّ الْغَاصِبُ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ بِأَمْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَغْصُوبَ بِالْعَيْبِ عَلَى الْغَاصِبِ إنْ كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَعُودُ مَضْمُونًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ أَنْ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَبْلَ التَّضْحِيَةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ ضَمَانِ الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَجَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ مُطْلَقًا وَقَالَ الشَّيْخُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاصِلِ عَلَى وُجُوهٍ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ كَبِيرًا بَالِغًا فَالْجَوَابُ مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا إنْ كَانَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ الْقَبْضَ وَالْحِفْظَ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا أُخِذَ مِنْهُ وَتَحَوَّلَ مِنْهُ إنْ رَدَّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْ مَكَانِ الْأَخْذِ يَبْرَأُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا يَعْقِلُ الْحِفْظَ وَالْقَبْضَ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ لَا يَبْرَأُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَفِيهِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَرَاهِمَ وَقَدْ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ، ثُمَّ رَدَّ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى الصَّبِيِّ وَهُوَ يَعْقِلُ يَبْرَأُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَا يَبْرَأُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
غَصَبَ سَرْجًا مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ، ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى ظَهْرِهَا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
غَصَبَ حَطَبًا وَاسْتَأْجَرَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ بِأَنْ يَطْبُخَ لَهُ قِدْرًا فَأَوْقَدَ الْحَطَبَ تَحْتَ الْقِدْرِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ قَالَ مَشَايِخُنَا لَا رِوَايَةَ لِهَذَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَأَخَذَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ حَقِّهِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لَكِنْ بِهِ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا طَرِيقُ قَضَاءِ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَخَذَ غَيْرَ صَاحِبِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ وَدَفَعَ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يَصِيرُ قِصَاصًا عَنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْآخِذَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعِينِ لَهُ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَخْرَجَ خَاتَمَ النَّائِمِ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي النَّوْمِ يَبْرَأُ وَإِنْ اسْتَيْقَظَ، ثُمَّ نَامَ وَأَعَادَهُ فِي هَذَا النَّوْمِ الثَّانِي لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ يَجِبُ الرَّدُّ إلَى النَّائِمِ وَقَدْ وُجِدَ، وَفِي الثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْيَقْظَانِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي إعَادَةِ الْخَاتَمِ إلَى أُصْبُعِ النَّائِمِ وَالْخُفِّ إلَى رِجْلِهِ وَالْقَلَنْسُوَةِ إلَى رَأْسِهِ الْإِمَامُ الثَّانِي يَعْتَبِرُ اتِّحَادَ النَّوْمِ فِي إزَالَةِ الضَّمَانِ كَمَا ذَكَرَ هُنَا وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَعْتَبِرُ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ حَتَّى إذَا أَعَادَهُ فِي الْمَجْلِسِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ فِي نَوْمَةٍ أُخْرَى فَإِذَا لَمْ يُحَوِّلْهُ عَنْ مَكَانِهِ وَأَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ أَيَّ أُصْبُعٍ كَانَ أَوْ رِجْلِهِ زَالَ الضَّمَانُ عَنْهُ وَإِنْ حَوَّلَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي تِلْكَ النَّوْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ حَالَ الْيَقَظَةِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
إذَا لَبِسَ ثَوْبَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ حَالَ غَيْبَتِهِ، ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَهَذَا إذَا لَبِسَ كَمَا يُلْبَسُ الثَّوْبَ عَادَةً فَأَمَّا إذَا كَانَ قَمِيصًا فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ أَخَذَ ثَوْبَ رَجُلٍ مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَبِسَهُ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى بَيْتِهِ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَهَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ دَابَّةَ غَيْرِهِ مِنْ مَعْلَفِهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ، ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا فَذَهَبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ أَخَذَ الدَّابَّةَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ غَصْبًا، ثُمَّ رَدَّهَا فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا وَلَا خَادِمَهُ فَرَبَطَهَا فِي دَارِ صَاحِبِهَا عَلَى مَعْلَفِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ نَصَّ عَلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ فِي كِيسِهِ أَلْفٌ أَخَذَ رَجُلٌ نِصْفَهَا، ثُمَّ رَدَّ النِّصْفَ إلَى الْكِيسِ بَعْدَ أَيَّامٍ يَضْمَنُ النِّصْفَ الْمَأْخُوذَ الْمَرْدُودَ لَا غَيْرَ وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهَا إلَى الْكِيسِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي بَابِ وُجُوبِ الضَّمَانِ.
وَلَوْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ وَوَضَعَهُ فِي حِجْرِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَجَاءَ إنْسَانٌ فَحَمَلَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْرَأُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَإِنْ أَتْلَفَهُ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ بِلَا قَضَاءٍ فَلَمْ يَقْبَلْ وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَضَعَهُ فِي يَدِ الْمَالِكِ أَوْ فِي حِجْرِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى أَحَدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ نَصِيبِ الْآخَرِينَ إذَا كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
الْغَاصِبُ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى الْمَالِكِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَحَمَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَتَجَدَّدُ الْغَصْبُ بِالْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِهِ إذَا لَمْ يَضَعْهُ عِنْدَ الْمَالِكِ فَإِنْ وَضَعَهُ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ، ثُمَّ حَمَلَهُ ثَانِيًا إلَى مَنْزِلِهِ وَضَاعَ ضَمِنَهُ أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَضَعْهُ عِنْدَ الْمَالِكِ فَقَالَ لِلْمَالِكِ خُذْهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ أَبُو عِصْمَةَ عَنْ رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ كِيسِ رَجُلٍ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا، ثُمَّ أَعَادَهَا فِي كِيسِهِ مِثْلَ مَا كَانَ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ صَاحِبُهُ وَخَلَطَهَا بِدَرَاهِمِهِ فَقَالَ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْكِيسِ أَنْفَقَ جَمِيعَ مَا فِي كِيسِهِ أَوْ حَمَلَ الْكِيسَ مِنْ مَوْضِعِهِ فَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ وَعَنْ نُصَيْرٍ إذَا رَأَى دَابَّةً وَاقِفَةً فِي الطَّرِيقِ فَنَحَّاهَا ضَمِنَ وَعَنْ ابْنِ سَلَمَةَ إذَا وَقَفَتْ ثُمَّ سَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ لَهُ كُرَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ غَصَبَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ أَوْدَعَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْكُرَّ الْآخَرَ فَخَلَطَهُ الْغَاصِبُ بِالْكُرِّ الْمَغْصُوبِ ثُمَّ ضَاعَ ذَلِكَ كُلُّهُ ضَمِنَ الْكُرَّ الْمَغْصُوبَ وَلَا يَضْمَنُ كُرَّ الْوَدِيعَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
غَصَبَ مِنْ آخَرَ سَفِينَةً فَلَمَّا رَكِبَهَا وَبَلَغَ وَسَطَ الْبَحْرِ فَلَحِقَهُ صَاحِبُهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَى الشَّطِّ مُرَاعَاةً لِلْجَانِبَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ دَابَّةً وَلَحِقَهَا صَاحِبُهَا فِي الْمَفَازَةِ فِي مَوْضِعِ الْمَهْلَكَةِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْهُ وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا إيَّاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
كُفِّنَ فِي ثَوْبِ غَصْبٍ وَأُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ لَمْ تَمْضِ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْكَفَنِ فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَكِنْ أَعْطَى رَجُلٌ قِيمَتَهُ فَعَلَى الْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ وَلَا يَنْبُشُ الْقَبْرَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ الْقِيمَةُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِآخِرَتِهِ وَإِنْ شَاءَ نَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ الْكَفَنَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ فَإِنْ نَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ الْكَفَنَ وَانْتَقَصَ الْكَفَنُ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الَّذِينَ كَفَّنُوهُ وَدَفَنُوهُ كَذَا فِي الْكُبْرَى.
رَجُلٌ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ دَابَّةً أَوْ دَرَاهِمَ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فَأَبْرَأَهُ مِنْهَا صَحَّ وَيَصِيرُ الْغَصْبُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَكَذَا إذَا أَحْلَلَهُ مِنْ ذَلِكَ بَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَتَصِيرُ الْعَيْنُ أَمَانَةً عِنْدَ الْغَاصِبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ قَطَعَ غُصْنًا فَنَبَتَ مَكَانَهَا آخَرُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ حَصَدَ زَرْعًا أَوْ بَقْلًا فَنَبَتَ مَكَانَهُ آخَرُ لَا يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ الْمَحْصُودِ وَالْمَقْطُوعِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ غَصَبَ مِنْ آخَرَ سَاجَةً وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ تَالَّةً وَغَرَسَهَا فِي أَرْضِهِ وَكَبِرَتْ حَتَّى انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ، ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ قَالَ لِلْغَاصِبِ وَهَبْت لَكَ السَّاجَةَ وَالتَّالَّةَ صَحَّ وَهَذَا إبْرَاءٌ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي النَّوَازِلِ هَشَّمَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ لِإِنْسَانِ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَهَشَّمَهُ هَشْمًا بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ وَضَمِنَ الثَّانِي مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ صَبَّ مَاءً عَلَى حِنْطَةِ إنْسَانٍ فَجَاءَ آخَرُ وَصَبَّ عَلَيْهَا مَاءً آخَرَ وَزَادَ فِي نُقْصَانِهَا بَرِئَ الْأَوَّلُ عَنْ الضَّمَانِ وَضَمِنَ الثَّانِي قِيمَتَهَا يَوْمَ صَبَّ الثَّانِي كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا كَسَرَ إنَاءَ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ وَاسْتَهْلَكَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَاسِرِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّضْمِينِ تَسْلِيمُ الْمَكْسُورِ وَقَدْ فُوِّتَ ذَلِكَ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ غَصَبَ شَيْئًا وَقَبَضَ لِلْحِفْظِ وَأَجَازَ الْمَالِكُ حِفْظَهُ كَمَا أَخَذَ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَلَوْ أَنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ فَأَمَرَهُ بِالْحِفْظِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْدَعَ الرَّجُلُ مَالَ الْغَيْرِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ غَصَبَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا فَغَابَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَجَاءَ الْغَاصِبُ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ أَوْ يَفْرِضَ لَهُ النَّفَقَةَ فَالْقَاضِي لَا يَأْخُذُ وَلَا يَفْرِضُ لَهُ النَّفَقَةَ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَخُوفًا مِتْلَافًا فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيَبِيعَهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا نَظَرٌ مِنْ وَجْهٍ فَكَانَ لِلْقَاضِي فِي ذَلِكَ رَأْيٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.